مفهوم البلاغة
البلاغةُ : هي تأْديةُ المعنى الجليل واضحاً بعبارة صحيحة فصيحة ، لها في النفس أَثر خلاب، مع ملاءَمة الكلام للموطن الذي يُقالُ فيه، والأشخاص الذين يُخاطَبون.
والأديب يجب أن تتوفر فيه شروط أهمها : الاستعداد الفطرى والموهبة والذوق ومعرفة قواعد اللغة وحسن اختيار الكلمات والأساليب وأن يكون واسع الثقافة .
التعبير الحقيقى والتعبير المجازى
التعبر الحقيقى هو اللفظ المستعمل فيما وُضع له . مثل قولك : الجندى شجاع . الفتاة جميلة . الرجل كريم معطاء .
التعبير المجازى هُوَ اللفظُ المُسْتعْمَلُ في غير ما وُضِعَ لَه لِعَلاقة ما ( المشابهة أو غير المشابهة ) مثل قولك : الجندى أسد . الفتاة قمر . الرجل بحر فى الكرم والعطاء .
لاحظ أن : التعبير المجازى فى الغالب يكون خيالا وإما أن يكون ( تشبيها أو استعارة أو كناية أو مجازا مرسلا ) وهو ما يسمى بعلم البيان المقرر على طلاب الصف الأول الثانوى .
تدريب
الكلمات التي تحتها خط استُعْمِلَتْ مرَّةً استعمالاً حقيقيًّا، ومرَّة استعمالاً مجازيًّا
1 ) وقال أبو تمام في الرِّثاء: وما مات حتى مات مضْربُ سَيفه منَ الضرب واعتلَّتْ عليه القنا السُّمْر
2 ) كان خالد بن الوَليدِ إذا سار سار النصر تحت لِوائهِ.
3 ) يقول المتنبى : إِذا اعْتَلَّ سيفُ الدولة اعتلَّت الأرْض .
(4) واسْتقْبلَتْ قَمرَ السماءِ بوجْهِها فَأَرَتْنِي القَمريْنِ في وقتٍ معاً
استعمل الأَسماء الآتية استعمالاً حقيقيًّا مرةً ومجازيًّا أُخرى :
البَرق – الرِّيح – المطر – الدُّرَر – الثعلب – النسْر – النجوم - الحَنْظَل.
التشبيه
(1) التشْبيهُ:ْ بَيانُ أَنَّ شَيْئاً أَوْ أشْياءَ شارَكَتْ غيْرَها في صفةٍ أوْ أَكْثرَ، بأَداةٍ هِيَ الكاف أَوْ نحْوُها ملْفوظة أَوْ ملْحُوظةً.
وأدوات التشبيه قد تكون حروفا ( الكاف – كأن ) أو أفعالا ( يشبه – يماثل – يحاكى – يناظر – يضارع ) أو أسماء ( شابه – مشابه – مثل – مثيل – مماثل – نظير )
(2) أَركانُ التَّشْبيهِ أرْبعة، هيَ: المُشَبَّهُ، والمشُبَّهُ بهِ، ويُسَمَّيان طَرَفَي التَّشبيهِ، وأَداةُ التشْبيهِ، وَوَجْهُ الشَّبَهِ، وَيَجبُ أَنْ يَكُونَ أَقْوَى وَأَظْهَرَ فِي الْمُشبَّهِ بهِ مِنْهُ فِي الْمُشَبَّهِ.
* فإذا ذكرت الأركان الأربعة يسمى هذا النوع من التشبيه ( التشبيه المفصل )
مثال : زرنا حديقةً كأنها الفِرْدوْسُ في الجمال والبهاء.
* فإذا حذف وجه الشبه يسمى هذا النوع من التشبيه ( التشبيه المجمل )
مثال : وصف أعرابي رجلاً فقال: كأنَّ الرجل النهار الزاهر والقمرُ الباهر
* فإذا حذف وجه الشبه والأداة يسمى هذا النوع من التشبيه ( التشبيه البليغ )
مثال : قال هاشم بن عبد مناف فى الإصلاح بين الخصوم :
العلم شرف ، والصبر ظفر ، والمعروف كنز ، والجود سؤدد .
مهم جدا :
التشبيهُ الْمُفَصَّلُ ما ذُكِرَ فيه وجهُ الشبهِ . التشبيهُ الْمُجْمل ما حُذِف منه وجهُ الشبهِ.
صور التشبيه البليغ
1- المبتدأ والخبر : كما فى قوله ( المؤمن مرآة أخيه )
2- الحال وصاحبها : مثل ( وقف الجيش صخرة أمام العدو )
3- فى صورة المفعول المطلق : مثل ( تفوق الطالب تفوق العباقرة )
4- إضافة المشبه به إلى المشبه : مثل
( نور العلم – مصباح الهداية ) الأصل ( العلم نور – الهدية مصباح )
التشبيه التمثيلى
يُسمّى التشبيه تمثيلاً إِذا كان وجه الشبه فيهِ صورة مُنْتَزَعَة من متعدد .
من أمثلة التشبيه التمثيلى :
* قال الله تَعالى: { مثَلُ الَّذين يُنْفِقُونَ أمْوالَهُمْ في سبيل اللهِ كَمَثَل حبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ واللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَالله واسِعٌ عَلِيم }.
فالمشبه فى الآية الكريمة هو حال المال الذى ينفق فى سبيل الله فلا ينقص بل يزيد وتملؤه البركة .
والمشبه به حال حبة غرست فى الأرض فأخرجت سبع سنابل فى كل سنبلة منها مائة حبة .
وجه الشبه:الشىء الصغير يتكاثر ويتضاعف أثره إذا وضع فى الموض المناسب الصالح للنماء .
لاحظ أن وجه الشبه هنا ليس شيئا واحدا وإنما هو صورة أو هيئة منتزعة من عدة أمور ( تشبيه حالة بحالة )
* قال المتنبي في سَيْفِ الدولة:
يَهُزُّ الْجَيْشُ حولَك جَانِبَيْهِ كما نَفَضَتْ جَناحَيْها الْعُقاب
يشبه المتنبي حالة الجيش : مَيْمَنَتِه ومَيْسَرَتِه وسيفُ الدولة بينهما، وما فيهما من حركة واضطراب.. بحالة عُقَابٍ ( طائر جارح ) تَنفُض جَناحَيْها وتحركهما، ووجه الشبه هنا ليس مفردًا ولكنه مُنْتَزَع من متعدد وهو وجود جانيين لشيءٍ في حال حركة وتمَوُّج.
التشبيهُ الضِّمنيّ
هو مثل التشبيه التمثيلى فى أنه تشبيه حالة بحالة أو هيئة بهيئة منتزعة من متعدد ولكنه يختلف عنه فى أنه لا يُوضعُ فيه الْمُشَبَّهُ والمشبَّهُ بهِ في صورةٍ من صُور التشبيه المعروفةِ بَلْ يُلْمَحان فِي الترْكِيبِ ويفهم من الكلام ضمنا .
** من أمثلة التشبيه الضمنى قول المتنبى :
من يهن يسهل الهوان عليه *** مالجرحٍ بميــــــتٍ إيلامُ
يريد المتنبى أن يقول " إن من عاش بالهوان واعتاده سهل عليه تقبل هوان جديد وذل آخر , ولكي يبرهن على صحة مقولته ضرب مثلاً بالميت فلو جئت بسكين ورحت تقطع أجزاء من جسده ماتألم ولاصرخ ولاشكى ولابكى .
** وقول المتنبى لسيف الدولة :
فإِنْ تَفقِ الأَنام وأَنت مِنْهمْ *** فإِنَّ المسْكَ بعْضُ دمِ الغَزال
يرى المتنبى أن ممدوحه عظيم يفوق البشر فى كل شىء مع أنه من البشر . ولا عجب فى ذلك فهو كالمسك الذى هو أصلا من دم الغزال مع أنه يختلف عن الدم تماما .
** وقال أبو فراس :
سَيذْ كُرنى قَوْمى إِذَا جدَّ جِدُّهمْ ** وفِى الَّليْلَة الظَّلْماءِ يُفْتَقَدُ الْبَدْر
شبه صورة قومه حين يفتقدونه وقت جدهم بصورة الليلة الظلماء حين يفتقد البدر .
مهم جدا سر جمال التشبيه توضيح الفكرة برسم صورة لها أو تجسيمها أو تشخيصها .
تدريبات
السؤال الأول : َيِّن أَركان التشبيه ونوعه فيما يأتي:
(1) أَنْت كالبحْر في السَّماحةِ والشَّمْـ ـسِ عُلُوًّا والْبدْر في الإِشراقِ .
(2) العُمْرُ مِثْلُ الضَّيْفِ أَوْ كالطِيْفِ لِيْس لَهُ إِقامةْ
(3) كلام فلان كالشَّهْدِ في الحلاوة .
(4) الناس كأَسْنان المُشْطِ في الاستواء.
(5) قال أَعرابي في رجل: ما رأَيتُ في التوقُّدِ نَظْرةً أَشْبَهَ بِلَهيب النارِ من نظْرته .
(6) وقال أَعرابي لأمير: اجْعلْني زِماماً من أَزِمَّتِكَ التي تَجُرُّ بها الأَعداءَ .
(7) وقال الشاعر: كَمْ وُجُوه مِثْلِ النَّهارِ ضِياءً لِنُفُوسٍ كالليْلِ في الإِظلامِ
(8) وقال : تَرْجو النَّجاةَ ولَمْ تَسلك مسالِكَها؟ إِنَّ السَّفينَةَ لا تجْري على اليَبَس
(9) وقال : ومَا أَنا مِنْهُمُ بالعَيشِ فيهمْ وَلكِنْ معْدِن الذهبِ الرَّغام ( التراب )
السؤال الثانى : اجعل كلاًّ مما يأْتي مشبهاُ في تشبيه تمثيل:
(1) جيشٌ منهزم يتْبَعهُ جيش ظافر.
(2) الرجل العالم بين من لا يعرفون منزلته.
(3) الحازم يعمل في شبابه لِكبره.
(4) السفينة تجْرى وقد تَرَكَتْ وراءَها أَثرًا مستطيلا.
ترجمة عمرو بن كلثوم
هو عمرو بن كلثوم بن مالك بن عتّاب التغليي ، أبوه (كلثوم بين عتاب ) سيد قومه، وأمه (ليلى بنت المهلهل بن ربيعة) البطل الأسطوري المعروف في السير الشعبية بـ (الزير سالم). ومن هذا النسب الشريف ورث (عمرو بن كلثوم) الزعامة والعزة والفروسية حتى صار زعيما لقبيلة (تغلب) وهو في الخامسة عشرة من عمره.
* اشتهر "عمرو بن كلثوم" بالقوة والشجاعة والاعتزاز بالنفس والكرم والبراعة في القتال، والفتك بالأبطال. وقد ضرب به المثل في الشجاعة فقيل : (أفتك من عمرو بن كلثوم )
القصة التي تدل على عزة وكبرياء عمرو بن كلثوم
يروى أن الملك (عمرو بن هند) قد وصل به الكبر والجبروت أنه أراد إذلال العرب جميعا، فقال يوما في مجلسه: أتعلمون أحدا من العرب تأنف أمه من خدمة أمي؟ فقالوا : لا نعلم إلا (ليلى بنت مهلهل) أم عمرو بن كلثوم لحسبها ونسبها، فأرسل) عمرو بن هند) إلى (عمرو بن كلثوم) يدعوه لزيارته ومعه أمه، فأقبل (عمرو بن كلثوم( وأمه من الجزيرة العربية في جماعة من قبيلة (تغلب) . وأمر الملك بإقامة حفل كبير حضره أشراف العرب، وكان قد أوعز إلى أمه أن تستخدم (ليلى بنت المهلهل) أم (عمرو بن كلثوم) فى قضاء أمر من الأمور . فلما اطمأن المجلس قالت أم الملك : ناوليتى الطبق . فأجابتها ليلى : لتقم صاحبة الحاجة إلى حاجتها . فلما ألحت عليها أم الملك صاحت ليلى : وا ذلاه . فلما سمعها ابنها سل السيف وأطاح برأس الملك .
- وهذه القصة تدل على البطولة والأنفة والعزة لدى (عمرو بن كلثوم )
أهم العوامل التي هيأت لعمرو بن كلثوم نبوغه فى الشعر والفروسية :
(1) - نشأته في قبيلة تغلب المعروفة بالفروسية والبلاغة ونسبه الكريم .
(2) - موهبته الفطرية وزعامته للقبيلة .
(3) - اتصاله بالملوك والأمراء وكثرة الحروب .
(5) – عمره الطويل الذى زاده خبرة فى الحياة .
سُمى عمرو بن كلثوم بشاعر القصيدة الواحدة وهي معلقته لأنه لم يصل إلينا من شعره إلا تلك المعلقة .
* وقد بقيت هذه القصيدة ( المعلقة ) حيث حرص قبيلته (تغلب) على إنشادها والتغني بها .
يقول الشاعر ألهى بنى تغلب عن كل مكرمة قصيدة قالها عمرو بن كلثوم
وقد اشتملت معلقة عمرو بن كلثوم على أغراض متعددة كالوصف والغزل والفخر واللوم والعتاب والتهديد والهجاء .
- وقد خالفت منهج القصائد العربية حيث بدأت بوصف الخمر، وكان شعراء الجاهلية يبدءون قصائدهم بالغزل
يقول عمرو فى مطلع قصيدته : ألا هبى بصحنك فاصبحينا ولا تبقى خمور الأندرينا
*وقد كتبت المعلقة فى زمنين مختلفين
الأول : أيام التحاكم أمام عمرو بن هند وفيه فخر وعتاب ولوم .
الثانى : بعد قتل عمرو بن هند وفيه تهديد وحماسة واعتزاز بالشجاعة والفتك .
من الحكم الرائعة التى قالها عمرو بن كلثوم قبل وفاته حين جمع أولاده :
( .. وإنى والله ما عيرت أحدا بشىء إلا عيرت بمثله ، ومن سب سب ،وأحسنوا جواركم يحسن ثناؤكم )
يقول الأستاذ : أحمد حسن الزيات عنه فى كتابه تاريخ الأدب العربى :
(عمرو بن كلثوم شاعر غمر البديهة رائق الأسلوب، نبيل الغرض، إلا أنه مقل..، لم يتقلب في فنون الشعر، فلم يرخ العنان لسليقته، ولم يطع سلطان قريحته ، وكل ما روى عنه معلقته، ومقطوعات لا تخرج عن موضوعها)
ومعنى ذلك : أنه شاعر قليل الشعر ولكنه غزير البديهة موهوب ومفطور على الشعر الجيد .
مع أطيبب الأمانى بالتوفيق
0 comments:
Post a Comment