علم البيان وأقسامه (أقسام البيان)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد طوافنا في الفصاحة والبلاغة وشروط الفصاحة في الكلام المفرد والمركب
دعونا ندخل إلى علم البيان والمتوقع منه أن نتعرف إلى
(1) بلاغة بعض الأساليب القرآنية
(2) التعرف إلى المفاهيم والأساليب البلاغية الآتية:
- التشبيه وأقسامه (المؤكد، المجمل، المرسل، المفصل)
- التشبيه وأنواعه (المفرد، التمثيلي، الضمني)
- الاستعارة وأنواعها (التصريحية، المكنية، التمثيلية)
- المجاز المرسل وعلاقاته
- الكناية وأنواعها (عن صفة، عن موصوف، عن نسبة)
والآن نسال السؤال التالي : ما مكونات علوم البلاغة التياستقرت عند المتأخرين من البلاغيين ؟
المكونات هي:
1- علم البيان
2- وعلم البديع
3- علم المعاني
علم البيان
سؤال : ما مفهوم البيان؟
البيان في اللغة معناه: الظهور والوضوح والإفصاح، وما تبين به الشيء من الدلالة وغيرها؛ تقول بان الشيء بيانا: اتّضح، فهو بيّن، والجمع: أبْيناء، والبيان: الفصاحة واللَّسَن، وكلام بيّن: فصيح، وفلان أبْين من فلان، أفصح وأوضح كلاماً منه، والبيان: الإفصاح مع ذكاء، والبيان إظهار المقصود بأدلّ لفظ، وهو من الفهم وذكاء القلب مع اللَّسَن، وأصله الكشف والظهور.
ووردت كلمة البيان بدلالاتها اللغوية في آيات القرآن الكريم ومنها قوله تعالى: {هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } آل عمران الآية 138
وقوله تعالى: {الرَّحْمَنُ. عَلَّمَ الْقُرْآنَ. خَلَقَ الإِنسَانَ. عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} الرحمن: 1-4
بهذا التعليم تميز الإنسان عن كثير من خلقه، وصار ناطقا مبينا، يستطيع أن يعبر عمَّا يخطر بخاطره، ويجول في نفسه من المعاني، فيوصلها إلى غيره من البشر، ويتلقاها الغير عنه، فيتم التفاهم.
ثم اخذت كلمة البيان دلالاتها الاصطلاحية في ما بعد فأصبح البيان أحد علوم البلاغة الثلاثة المعروفة: البيان والمعاني والبديع.
وقد تداخل علم البيان باديء الأمر مع علم المعاني، واستوعب بعض مباحثه لاحقا، وشمل علوم البلاغة كلها بعض الأحيان.
وقد عرَّف البيان مجموعة من الأدباء :
يقول الجاحظ :هو الدلالة الظاهرة على المعنى الخفي، وهو اسم جامع لكل شيء كشف لك عن قناع المعنى، وهتك الحجاب دون الضمير؛ حتى يُفضَى السامع إلى حقيقته، لأن مدار الأمر والغاية التي إليها يجري القائل والسامع؛ إنما هو: الفهم والإفهام؛ فبأي شيء بلغت الإفهام، وأوضحت عن المعنى فذلك هو البيان في ذلك الموضع.
وقد عرَّفه الخطيب القزويني بقوله: "علم يُعرَف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في وضوح الدلالة عليه"
وسوف نحصر الحديث عن هذا العلم في موضوعات أهمها: التشبيه بأركانه وأنواعه، والاستعارة بأنواعها: (التصريحية، والمكنية، والتمثيلية) والكناية، والمجاز المرسل بعلاقاته المتعددة.
التشبيه
(1) مفهوم التشبيه
لعلنا سمعنا معلقا رياضيا يعلق على سباق للعَدْو يقول:
هذا المُتسابقُ كالسَّهم
ويمكن إدراك مقصد المُعلق من تلك العبارة هو : أنَّ المتسابق سريع، فما الذي دلنا على أنَّ المتسابق سريع، مع أن السرعة لم تذكر في عبارة المعلق؟
إن ما دلَّ على سرعة المتسابق في عبارة المعلق هو لفظة (السهم) إذ لا يخفى علينا ما يتصف به السهم من شدة انطلاق وسرعة، فما كان من المعلق إلا أن عبَّر عن سرعة المتسابق بان اشركه مع السهم في صفة هي السرعة. ولكن بم أقام المعلق تلك الشراكة؟ واضح أن المعلق هنا استخدم لفظا لإقامة تلك الشراكة هو (حرف الكاف)
دعونا ننظر (فضلا لا أمرا) إلى معروف الرصافي كيف يرى العلاقة بين العلم والجهل إذ يقول:
إنْ كانَ للجهلِ في أحوالنا عِلَلٌ... فالعلمُ كالطِّبِّ يشفي تِلْكُمُ العللا
لا يفوتنا أن الرصافي هنا أراد أن يصف العلم شافيا من علة الجهل ويا لها من علة ، فعبَّر عن ذلك بأن أشرك (العلم) مع (الطب) في صفة (الشفاء) مصرِّحا بتلك الصفة بقوله (يشفي) مستخدما لفظا لإقامة الشراكة بينهما هو حرف (الكاف) في قوله (كالطب)
تأمل معي قول شاعر آخر يتحدث عن الإنسان الذي يخفي بإطلالته الوضيئة نفسه الخبيثة:
كمْ وجوهٍ مثل النَّهار ضياء... لنفوس كالليل في الإظلام
نلاحظ أن الشاعر في الشطر الأول أراد أن يصف جمال (الوجوه) ووضاءتها وصفا دقيقا، فعبَّر عن ذلك بأن أشركها مع (النهار) في صفة هي(الضياء) في صفة (الشفاء) مستخدما لفظا لإقامة الشراكة بينهما هو كلمة (مثل) كما أن الشاعر في الشطر الثاني أراد أن يصف قبح (النفوس) فعبَّر عن ذلك بأن أشركها مع (الليل) في صفة هي(الإظلام) في صفة (الشفاء) مستخدما حرف الكاف لفظا لإقامة تلك الشراكة .
لاحظنا في كل مثال من الأمثلة الثلاثة السابقة أن شيئا جعل مثيلا لشيء في صفة أو أكثر مشتركة بينهما، وأن أداة دلت على هذه المماثلة والشراكة، فكل مثال من تلك الأمثلة يقوم على ما اصطلح العلماء على تسميته (تشبيها)
القاعدة:
نستنتج أن إشراك شيئين في صفة أو أكثر بلفظ يربط بينهما هو تشبيه .
0 comments:
Post a Comment